May 5, 2011

عمو شوفير التاكسي...

"الله ينجحك يا رب" يقولها شوفير التاكسي بلكنةٍ تلطشية و أنا في طريقي لغرفتي الصغيرة في الحمرا... ترن كلمات "تاكسي تاكسي" من بعد دعائه...

ليته لم يدعي لي عمو شوفير التاكسي... فأي نجاحٍ هذا الذي يتمناه ونحن كما نحن، ونعاني ما نعاني...
أردت أن التفت وأقول له: "عمو لو بتعيرنا سكوتك شو بكون أحسن. مش ناقصة عيشتي واحد متل حضرتك يلطشني. بلا نجاح بلا بلوط..."ولكني لم أفعل...
عضضت على لساني ومشيت خوفاً على مشاعر عمو، الراعي الأول لحركة سرقة السياح الأجانب في شارع الحمرا.حرام! إن بعض الظن إثم...
ربما عمو لا يدري بما يحدث حولنا، فهو يقضي وقته على تلك الزاوية المقابلة لقهوة يونس وينادي طول النهار و الليل لراكب يستجيب... فكيف له أن يعلم بما يحصل... وأكيد مش عم بدور الراديو محافظةً على بطارية المرسيدس، فكيف من الممكن أن يدرك ما يجري...

هل علم عمو مثلاً قبل أن يدعي لي بالنجاح، بأننا فشلنا بتشكيل حكومة...
وأن أمريكا فشلت  في القضاء على الإرهاب...
وأن البشرية فشلت في حماية الحياة البحرية بعد أن القيت جثة بن لادن في البحر...
وأن العرب فشلوا في إستعادة صورتهم كناس اوادم، أو إستعادة حرياتهم، أو حق العودة، أو حتى غصن زيتون سرق منا...
وأن مهند فشل في إنقاذ سمر من شر نفسها، وأن بشير فشل في إنقاذ نهال من حزنٍ مؤكد...(لا تؤاخذوني فأصداء "العشق الممنوع" ما زالت تحاصرني...)

هل يعلم عمو عن
فشلنا في دفع عجلة الإقتصاد المنفسه... أو إرجاع العلاقات اللبنانية البحرينية إلى أيام الدبس بالطحينة...
وأكيد عمو لم يسمع عن فشلنا في تحقيق أي عادلة قانونية للمرأة في بلدٍ يدعي أنه على رأس الحريات في المنطقة و أبو القوانين من  ٥٥٥ ق.م...

ولكن منشان الحلال والحرام، ومنشان ما نحط العالم بذمتنا، أقول لعمو أننا نجحنا في شيء واحد فقط... لقد نجحنا في أن نفشل وبتفنن .. وعن سبق تحليل وتعليق... ما في أشطر منا بالتحليل والتعليق... (الرجاء عدم جمع ما تقرأونه الآن مع باقة المحللين اللي طالعة).
ما ضل لا أقرع ولا مجمر غير ما حلل وحكي ... وعطى رأيه شي بعرس ويليام وكايت (عقبال العايزين) وشي بالفوتوشوب اللي استعملوا على صورة بن لادن...
وشي بالمرشح الرياسي بمصر وشي بالرئاسه بالإجمال....

عدت لغرفتي وشعور الغثيان يلازمني... منذ قدم التاريخ وفجر الخليقة...
أتمشى  ذهاباً و إياباً عله يجد غيري ليطبق عليه.... عبثاً أحاول...

فلقد حللتم حتى إنحلوا ركبي...
واستعرضتم مسرحياتكم الإخبارية حتى قرفتوني الفن و المسرح...
و كرهتونا حتى كرهت وطني...
وترغلتم شعاراتكم وأقمتم مؤتمراتكم الصحافية حتى صرت اتمنى العمى والطرش لنفسي ولكل من أحب...
وبحجة الإنضباط، سلختوا جلدنا بالضبوطة، وفروة رأسنا بالضرائب، ولحمنا عن عظمنا بأسعار البنزين...
وفسدتم وسرقتم حتى جلدنا الأوادم ورجمنا كل صاحب مبدأ...
وإذا نسيت كل هذا، يذكرني رصاصكم بحنيتكم علينا...

نسبة الأوكسجين تنخفض في غرفتي الصغيرة... أسرع لأفتح باب البلكون قبل أن تتنشق نبتتي الصديقة ما تبقى منه...
أتنفس رائحة عوادم السيارات العطرة الباردة... وصوت جورج وسوف ملعلعاً من سيارةٍ منطربة زيادة عن اللزوم...
عمو الدكنجي لم يقفل بعد... صوت أمي المخزن في رأسي يذكرني أن السفن أب يخفف لعية النفس...
أخرج لملاقاة سفن أب تنعشني... وتدغدغ فقعاتها الصغيرة الأمل بالنجاح في داخلي...
علني انجح في أن أنهي هذه الليلة على خير... وأنسى عمو شوفير التاكسي...  


No comments:

Post a Comment

LinkWithin

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...